الاثنين، 17 سبتمبر 2012

مريم


تَشعر أن بها شيء فريد ، غريب !
هي نفسها غير مُتطلعة عليه
لكنها تَشعر به وتَراه كيانـاً داخلها"مُتحرك"
حركة الباب تُؤرقها

زززززز ززززز ... زززز
عادت إليها تلك الرؤى مرة أخرى !!
عيناها مفتوحتان تنتظر مجيء هذا الكائن ليأخذها حيث شاء ويَقتلها كيف أحب
لكن هذه المرة مُختلفة حقـاً
صَرخت فدوى صوتها بالغرفــة !
_ماذا تريييد !!!
_أريدددددك

صوته مُتحجر كالجبل وبالكاد فَهمت أنه يُريدها ، حاولت التشبث بأي شيء وصراخها مستمراً:
_ماذا تُريد !!
ماذا تُريد !!

أيقظتها نداءات أمهـا:
_مريم .. أفيقي مررريم؟؟
_ هاااه .. ماذا حدث؟!
_ماذا يحدث لكي أنتي
انهمرت مريم في البكاء غير قادرة على وصف هذا الكائن ،غير مستوعبة ماهية تلك الكوابيس
_هو يا أمي .. تحدث اليوم وأرادني
_ !! من هو يا مريم ؟
_أنا لا أعلم يا أمي ، لكنه قبيح جداً ، أرادني وجاء ليأخذني
لا أعلم أين لكني أشعر به الآن ...

ضمت مريم ركبتيها إلى صدرها خائفة مما تراه وما شعرت به اليوم
كان مرعبـاً حقـاً .. خُيل لها أنه حقيقي
كان سَيلتهمها بتلك النظرات !

_لا تتركيني الآن يا أمـي .. نامي بجواري
_سأفعل يا مريم
وكالعادة كل ليلة .. نامت الأم مُستسلمة

_ _ _ _ _
هذه ليست كغرف المراهقات ، غريبة بعض الشيء
طرازها قديم جداً قد يعود إلى قرون قديمة أو حضارات بالية كالرومانية مثلاً
هي تعلم ذلك جداً وكذلك أمها ، لكنهم لم يتطرقوا إلى هذا الموضوع أبداً فهو في نظر مريم "أشياء غير مهمة"

مريم غريبة في وحدتها .. تبقى بالأيام مُوصدة أبواب غرفتها بل قولوا أبواب "صومعتها" ، تُغلق عليها كل شيء وترفض حتى النهوض من على سريرها والغريب
أن والدتها لا تَهتم بسر إغلاقها غرفتها لعدة أيام هكذا !
تُرى أي أم هذه ؟
كيف ستكون الجنة تحت أقدام مثل هذه الـ ...

_ _ _ _ _
جاء الصباح صاخبـاً بعد عدة ساعات فقط من فزع مريم على كابوسها المتكرر
الصباح عادة يكون مُشرقـاً إلا صباح مريم "شاحبــاً"
كل شيء باهت اللون
حتى تلك العصافير المُسببة للضوضاء
باهتة اللون لا تُميز الذكر منها أو الأنثى
جميعهم متشابهون.

_أمي !! أنتي هنا؟
لا إجابة اذن هي بالأسفل تُعد الفطور
هَبطت مريم بخطوات كسولة ووجه خَدر بعض الشيء ، هي لم تنم كثيراً لكنها تَشعر بالإرهاق الشديد لكثرة النوم
والدتها في المطبخ كالعادة
_ماذا تفعلين هنا !!
_لا شيء ،جئت أبحث عنكي
_جيد

مريم لا تعلم لما تتجاهل أمها كوابيسها هكذا ، من الأفضل أن تُحدثها أو تناقشها لكنها ككل مرة لا تفعل هذا..
_أمي سأذهب للخارج بعض الوقت
ردت أمها إيجابا بالموافقة فهي لن تبتعد طبعــاً عن البيت بضع خطوات ; فهي تُعاني رهاب الأماكن الجديدة وتُعاني الرعب من أي شيء جديد.
جَلست على أعتاب منزلهم نَاظرة للطريق وأشجاره الكثيفة والسيارات المارة وبعض العابرين .. شَردت بعيداً بعض الوقت وأفاقت على نظرات هذا الغريب !
رجل أربعيني العمر ظل واقفـاً أمامها وتقدم خطوات كثيرة حتى صار على مشارف سور حديقتهم !!
أرعبتها فكرة وجود هذا الغريب ومَن يكن
فَزعت من جلستها عندمـا رأته أمامها مباشرة..

كيف تَخطى السور !!
كيف أصبح الآن أمامها !!
هل ستهرب !!
اسئلة عاجزة عن التفكير بها
فقط وجدت مريم نفسها مُتجمدة أمامه بلا حِراك
_ألن تأتِ معي ؟ ! ! !

هو هذا الكائن ...
_ها ا ا ا ه من أنت ؟ !
_ ألن تأتِ معي ؟ ! ! !

صوته ووجه قبيح ونظرات هذا الغريب مُخيفة وقبل أن تُجيب أطبق على يديها
_ لاااا اتركنــي .. اترررركني
_ أنــا ســـ
_ لا ا ا ا ا ا

بصرخات مُتقطعة وبكاء حار ورعشات استيقظت مريم لتجد نفسها داخل كابوس آخر !!
_مريم أفيقي يا ابنتي

كان نحيبها هذه المرة شديداً حتى أنها لم تستطع النوم .. ظلت مُستيقظة
وظلت والدتها هكذا مستيقظة أيضـاً فهي لم تنم ولا تستطع ولن تستطع

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _

في الممر المظلم الطويل المُوصل لأسفل توجد صورة كبيرة مُغطاة بالأتربة 
مريم تتوسط الصورة
وبجوارها طفل صغير وأمها وأبيها وجدتها التي بالكاد تَذكرها ومُربيتها
جميعهم مات من سنين طويلة جداً
مئات أو آلاف السنين !!

حتى والدتها ، لكنها إلى لآن تعتقد أن مربيتها هي أمها
وتَمسكت بها حتى بعد موتها
رافضة مُتناسية لكل قوانين الموت ، ظلّت مُحتفظة بالمربية وطلال بيتهم القديم وتلك الكوابيس اخترعها عقلها المُتهالك
الخائف جداً من حقيقة الموت
وما الكائن الغريب إلا هو !!
يُريدها وهي لا تُريده ! !

هل ستنام مُربيتها يومــاً .. هل ستنام مريم ؟
مُستسلمة لواقع وفاتها !

لا لن يَحدث هذا فالأشباح لا تَنام أبداً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق